تقرير اللجنة المؤلفة لدرس مكاتبات معينة تبودلت سنتي 1915و1916 بين السير هنري مكماهون وشريف مكه

مؤتمر فلسطين
ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج1، ص 705 – 711″

مؤتمر فلسطين
تقرير اللجنة المؤلفة لدرس مكاتبات معينة
تبودلت في سنتى 1915 و 1916
بين السير هنرى مكماهون
المندوب السامي البريطاني بالقاهرة
وشريف مكة (*)

       في الجلسة السادسة لمؤتمر فلسطين العربي البريطاني المعقودة بقصر “سان جيمس” في السادس عشر من شهر فبراير1939 تقرر تعيين لجنة لدرس مكاتبات معينة اشتهرت باسم “مكاتبات مكماهون” تبودلت في سنتى 1915 و 1916 بين السير هنرى مكماهون الذي كان وقتئذ المندوب السامي لجلالته في القاهرة، وشريف مكة – الملك حسين ملك الحجاز فيما بعد – وتقديم تقرير الى المؤتمر عن هذه المكاتبات.

       وطبقا لهذا القرار ألفت لجنة من الآتية أسماؤهم:
       ممثلو الوفود العربية لدى المؤتمر
       صاحب الدولة الجنرال نورى السعيد – رئيس وزارة العراق
       (وقد حل محله بعد الجلستين الأوليين للجنة صاحب السعادة توفيق السويدى بك الذى تولى رياسة الوفد العراقي بعد سفر الجنرال نورى السعيد).
       صاحب السعادة عبد الرحمن عزام بك – الوزير المفوض ببغداد – وجده.
       عونى بك عبد الهادى – من أعضاء الوفد الفلسطيني العربي.
       موسى بك العلمي – من أعضاء الوفد الفلسطيني العربي.
       المستر جورج انطونيوس – من أعضاء الوفد العربي الفلسطيني، والسكرتير العام للوفود العربية.
       ومعهم كمستشار:
       السير متشيل ماك دونيل – رئيس المحكمة العليا بفلسطين سابقا.
       ممثلو حكومة جلالته في المملكة المتحدة.
       اللورد موم – قاضى القضاة بانجلترا.
       السير جراتان بوش – المستشار القضائي بوزارة الخارجية.
       ومعهما كمستشار:


         (*) من كتاب ” وثائق القضية الفلسطينية” اصدار جامعة الدول العربية

مؤتمر فلسطين
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 705 – 711”

        المستر ج. هيورث دون – استاذ اللغة العربية بمدرسة الدراسات الشرقية بجامعة لندن.

        وكسكرتير:

        المستر ج. ر. كولفيل – السكرتير الثالث بوزارة الخارجية.

        اجتمعت اللجنة بمجلس اللوردات أربع مرات – في يوم الخميس 23 فبراير ويوم الجمعة 24 فبراير، ويوم الثلاثاء 28 فبراير، ويوم الخميس 16 مارس.

        ودرست مكاتبات مكماهون – حسين، كما درست حوادث معينة لاحقة ووثائق أخرى رأى ممثلو المملكة المتحدة أنها قد تلقى ضوءا على معنى المكاتبات، أو المقصود منها.

        وعند شروع اللجنة في عملها، في بداية اجتماعاتها، أبان قاضى القضاة أنه ليس حاضرا بصفته القضائية، وأنه لا ينحل نفسه حق الفصل كقاضى – في “هل آراء حكومة جلالته في المملكة المتحدة في الموضوع المطروح، أو آراء العرب هي الصحيحة”، وانما هو موجود كممثل لحكومة جلالته ليس الا، وان مهمته الوحيدة هى شرح آرائها، وبيان حججها فيها.

        ولما كانت الوفود العربية أمام المؤتمر قد سبق لها أن انتقدت فقرات معينة في النص الانجليزي للمكاتبات، بحجة أنها ترجمة غير دقيقة للفقرات المقابلة لها في النص العربي، فقد درست اللجنة عددا من التصويبات للنص الانجلبزي اقترحها المستر جورج انطونيوس، واقرها المستر – هيورث دون. ومع أن أعضاء اللجنة من العرب ذكروا أنه حتى مع هذه التصحيحات، فان النص الانجليزي لا يزال قاصرا على تأدية النص العربي على خير وجه ممكن، الا أنهم وافقوا على أن هذه التصحيحات إذا أدخلت فإن النص الانجليزى يخلو بها من الخطأ الصريح الذى يحول دون الفهم الصحيح للنقط المثارة في المكاتبات المذكورة والتغييرات التي اتفق عليها مبينة في النص الانجليزي الذى قدمه وزير الخارجية الى البرلمان في 3 مارس 1939.

        وفي الجلسة الأولى التي عقدتها اللجنة في يوم 24 فبراير قدم مندوبو العرب مذكرة تبين تفسير العرب للمكاتبات.

        وفي الجلسة الثانية التي عقدتها اللجنة يوم 24 فبراير قدم مندوبو المملكة المتحدة مذكرة تبين على العموم التفسير البريطاني.

        وفي الجلسة الثالثة التي عقدتها اللجنة في يوم 28 فبراير قدم مندوبو العرب مذكرتين تشرحان النقط القانونية المتعلقة بعبارة المكاتبات والظروف التى تبودلت المكاتبات فيها.

        وفي الجلسة الرابعة التى عقدتها اللجنة يوم 16 مارس قدم مندوبو المملكة المتحدة بيانا يتناول بايجاز المذكرتين المقدمتين في الجلسة التالية.

        في الفقرات التالية تلخيص لوجهتي النظر العربية والبريطانية:

        تلخص الحجج التى قدمها المندوبون العرب وشرحوها في مذكرتهم المؤرخة في 23 فبراير 1939 فيما يلى:

 مؤتمر فلسطين
ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 705 -711″

 

( أ )

لا محل للشك في ان فلسطين كانت داخلة في الواقع في منطقة الاستقلال العربي وكان الفريقان المشتركان في مكاتبات (مكماهون – حسين) يعنيان في أن تكون داخلة. وهذا واضح وضوحا كافيا من نصوص المكاتبات نفسيا. وفضلا عن ذلك فان الدليل التاريخي يعززه.

(ب)

والدليل التاريخي مزيته أنه يلقي ضوءا على النيات التي كانت حكومة جلالته تنطوى عليها في سنة 1916. وهو يثبت أن الساسة البريطانيين عند درسهم لما طلبته فرنسا من الحصول على مركز خاص في سوريا (وفيها فلسطين) شعروا بأن الضرورة تقضى بمقاومة مطلب فرنسا فيما يتعلق بفلسطين، ولم يعترفوا لها به الا فيما يتعلق بأجزاء من سورية الشمالية. فالتحفظ الذي وضعه السير هنرى مكماهون في مذكرته المؤرخة في 24 أكتوبر 1915 يجب أن يقرأ على ضوء الموقف الذى كانت تتخذه وزارة الخارجية البربطانية في ذلك الوقت.

(جـ)

في جميع المكاتبات يبني السير هنرى مكماهون اخراجه أجزاء من سوريا على دعوى المصالح الفرنسية. وأن الوصف الجغرافي الذى وصف به السير هنرى والشريف الأجزاء التى تستثنى، ليشير اشارة لا تدع مجالا للخطأ الى المناطق الساحلية من سوريا الشمالية. ولما كانت السياسة البريطانية في ذلك الوقت ميالة إلى مقاومة مطلب فرنسا الخاص بسوريا كلها، فان هذا يشير أيضا إلى تعمد حذف فلسطين من المنطقة المتحفظ بها. بدعوى المصالح الفرنسية.

( د )

وبغض النظر عن نيات الحكومة البريطانية التى كان السير هنرى مكماهون يرسل كتبه الى الشريف بناء على تعليماتها، فإن نص المكاتبات نفسها لا يدع مجالا للشك فيما حمل به الوعد فعلا.

(هـ)

ولا سبيل الى المنازعة ولم يحصل هذا قط – في أن فلسطين داخلة في المنطقة التى طلب الشريف حسين أن تكون هى منطقة الاستقلال العربى في المستقبل. وقد قبل السير هنرى مكماهون هذه المنطقة في جملتها فيما عدا بعض التحفظات. ولم يرد ذكر لفلسطين في هذه التحفظات. وقد كان السير هنرى مكماهون يحرص – كلما رأى داعيا إلى: النص على استثناء كما هو الحال فيما يتعلق بالمناطق الساحلية لسوريا الشمالية، أو أقاليم العراق – على تعيين الجزء المستثنى ، لأن عبء الاستثناء كان واقعا عليه. فكونه لا يذكر فلسطين لا صراحة ولا ضمنا يجعل من المستحيل على أي انسان أن يذهب إلى ان فلسطين كانت مخرجة في المنطقة التي وافق السير هنرى مكماهون على أن تكون منطقة الاستقلال العربى في المستقبل.

( و )

أما ما تذهب اليه حكومة جلالته من أن عبارة “ولايات دمشق وحمص وحماة وحلب ” تشمل كل ولاية سورية فقول لا ينهض، وهى دعوى قائمة على ان كلمة منطقة أو سنجق تعادل كلمة ولاية، وهو ما ليس بصحيح لا عقلا ولا نصا.

( ز )

وحتى لو فرضنا جدلا أن فلسطين كانت مستثناه من المنطقة العربية فعلا فان استثناءها لا يبرره إلا الاستناد على مطالب فرنسا.. وقد نزلت فرنسا أخيرا عن مطلبها فيما يتعلق بفلسطين ففقدت الدعوى وما لعله كان لها من قوة.

مؤتمر فلسطين
ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 705 – 711″

(ح)

وبناء على هذه الحجج المسرودة باسهاب في المذكرة العربية بتاريخ 23 فبراير 1939 يذهب مندوبو العرب الى ان المستفاد من المكاتبات بمجردها.. أو مع مراعاة الدليل التاريخي والظروف المحيطة بها – هو أن فلسطين كانت، فعلا ونية، داخلة في المنطقة التى تعهدت بريطانيا العظمى بأن تعترف بالاستقلال العربي فيها وتؤيده.

       وتلخص الحجج التى أدلى بها المندوبون البريطانيون في الجلسة الثانية للجنة فيما يلى:

( أ )

كانت فلسطين في مركز خاص جدا في الوقت الذي دارت فيه المكاتبات نظرا لكونها بلادا مقدسة لديانات ثلاث كبرى، ولاهتمام المسيحيين والمسلمين واليهود بها في العالم كله ، ولكثرة عدد المباني الدينية وغيرها فيها، والمعاهد التابعة لغير العرب، وللمصالح العملية الواضحة لبريطانيا العظمى في بلاد مثلها مجاورة لمصر وقناة السويس. ويذهب مندوبو المملكة المتحدة أيضا الى أن فلسطين ليست بلادا عربية صرفة.

(ب)

أن ماستثناه السير هنرى مكماهون في كتابه المؤرخ فى 24 أكتوبر 1915 وهو ” أجزاء من سورية واقعة غربى ولايات دمشق وحمص وحماة وحلب ” من منطقة الاستقلال العربي التى طلبها الشريف حسين في كتابه المؤرخ في 14 يوليه 1915 يخرج – وكان ينبغي أن يكون مفهوما أنه يخرج – ذلك الجزء من سوريا الجنوبية الذى يتألف من أجزاء من ولاية بيروت السابقة، وسنجق القدس المستقل، وهو المعرف الآن بفلسطين، ويذهب مندوبو المملكة المتحدة استنادا الى حجج موضحة في مذكزتهم المؤرخة في 24 فبراير 1939 الى ان هذه العبارة تشمل منطقه ممتده من حدود كيلكيا الى خليج العقبه، يقع غربها ما يسمى الآن فلسطين.

(جـ)

ولكن سواء أصح أم لم يصح القول بهذا، وبغض النظر عنه اذا كان غير صحيح، فان مندوبى المملكة المتحدة يذهبون الى أن التحفظ الوارد في كتاب السير هنرى مكماهون في 24 أكتوبر 1915 فيما يتعلق بالمصالح الفرنسية ينطبق وما زال منذ ذلك الوقت ينطبق ويسرى، على كل الأرض التى طالبت بها في 24 أكتوبر 1915 وبالتالي على فلسطين التى كانت تعد في ذلك الوقت جزءا من سوريا. وهذا التحفظ يستمر سريانه على هذا الوجه، حتى لو كانت فرنسا فيما بعد قد نزلت نهائيا عن مطلبها الخاص بفلسطين لسبب ما، لعل بريطانيا تكون قد تساهلت لها فيه. على أن مندوبى المملكة المتحدة يرفضون القول بأن فرنسا فعلت ذلك فيما يتعلق بفلسطين لأنها احتفظت بمطالبها المتعلقة بفلسطين في اتفاق “سيكس – بيكو” وبعده أيضا، ومما لا شك فيه أنها كعضو في عصبة الأمم لا يزال لها رأى. . وصوت في مصيرها.

( د )

وبناء على هذا وغيره من الحجج المستندة الى الكتاب المؤرخ في 24 اكتوبر 1915 وغيره من المكاتبات، يذهب مندوبو المملكة المتحدة إلى أن ما يستخلص من قراءة المكاتبات على ضوء الظروف.. المحيطة بها، وفي جملتها الظروف المبينة في الفقرة “أ” هو اخراج ما يسمى الآن “فلسطين” من المنطقة التى كان على بريطانيا أن… تعترف فيها باستقلال العرب وتؤيده.

 مؤتمر فلسطين
ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 705 – 711″

(هـ)

وفضلا عن ذلك فان مندوبى المملكة المتحدة مع اعترافهم بأن هذا ليس له وزن قانوني في تفسير المكاتبات، يودون أن يلفتوا النظر الى أن السير هنرى مكماهون والسير جلبرت كليتون، وقد اشتغلا بصوغ المكاتبات المرسلة من القاهرة، قد قررا أن المقصود من المكاتبات هو اخراج فلسطين من منطقة الاستقلال العربي.

       قال السير هنرى مكماهون في سنة 1937.

       “أشعر بأن من واحبي أن أقول – وأنا أقول ذلك بلهجة التأكيد – أني لم أقصد حين قطعت العهد للملك حسين أن تكون فلسطين داخلة في المنطقة التي وعد العرب فيها بالاستقلال”.

       وفي سنه 1923 قال السير جلبرت كليتون الذى كان من معاوني السير هنرى مكماهو في سنتي 1915 و 1916:

       “كنت على اتصال يومي بالسير هنرى مكماهون في أثناء المفاوضات مع الملك حسين، ووضعت الصيغة الابتدائية لجميع المكاتبات. وفي وسعي أن اؤيد القول بأنه لم يكن في النية قط أن تكون فلسطين داخلة في التعهد العام المعطي للملك حسين، وقد كان المعتقد في ذلك الوقت – وربما كان خطأ – أن العبارات الافتتاحية في كتاب السير هنرى كافية في الاشارة الى هذا الاستثناء، وفي ظني أنه كان من البديهي أن المصالح الخاصة المرتبطة بفلسطين تمنع بذل أي تعهد نهائي خاص بمستقبل في تلك المرحلة المبكرة.

       وقد رد المندوبون العرب على حجج المندوبين البريطانيين بملاحظات كتابية في 27 فبراير 1939 وتولى السير ميشيل ماك دونيل الرد من الناحية القانونية على الحجج البريطانية ويمكن تلخيص هذه الردود فيما يلى:

( أ )

أن القول بأن الصبغة المقدسة لفلسطين، وجوارها لمصر، تجعل من غير المعقول أن تسلمها بريطانيا لحكم العرب بدون ضمانات يفنده أن السيرهنرى مكماهون نص بصراحة على ضمانات خاصة بسلامة الأماكن المقدسة، وبالتعاون البريطانى في انشاء حكومة عربية صالحة، وهذا فضلا عن الضمانات الأخرى التى ينطوى عليها الاتفاق العربي البريطانى. ويكفي أن السيرهنرى نص على مثل هذه الضمانات الخاصة بالأماكن المقدسة لاثبات أنه يفكر في فلسطين ويعنيها حين قطع العهود البريطانية للشريف حسين.

(ب)

ان القول بأن أجزاء من بلاد الشام واقعة إلى الغرب من ولايات دمشق وحمص وحماة وحلب تخرج في الواقع وكان ينبغي عقلا أن يكون المفهوم أنها تخرج – فلسطين. هذا القول قد أجيب عليه في مذكرة 23 فبراير1939 وبتفصيل أوفى في بيان السير ميشيل ماك دونيل في 27 فبراير 1939.

(جـ)

والقول بأن تحفظ السير هنرى مكماهون فيما يتعلق بالمصالح الفرنسية يجب أن يعد ساريا على سوريا كلها، قد فند بالملاحظات المؤرخة في 27 فبراير 1939 وببيان السير متشيل ماك دونيل في التاريخ عينه.

( د )

ويرى مندوبو العرب أن القاعدة السليمة للحكم في الموضوع كله، هى نصوص المكاتبات نفسها، أما الكتاب الذى بعث به السير هنرى مكماهون إلى التيمس،

مؤتمر فلسطين
ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج1، ص 705 -711″

 

ونشرته له في 23 يولية 1937 وفيه يصرح بأنه كان يقصد أن يخرج فلسطين من منطقة الاستقلال العربي – هذا الكتاب لايجوز أن يكون له من الوزن والقيمة فوق ما يستحق. وقد بين السير متشيل ماك دونيل أن ما قاله السير هنرى مكماهون أنه كان يعنيه أو يقصده لا قيمة له على الاطلاق، لأنه لم يكن هو الذى يقطع العهود بل الحكومة البريطانية التى كان هو اداتها، والذى له قيمة هو ما قاله السير هنرى مكماهون فعلا، لا الذى اراد أن يقوله، أو الذى كان يعنيه أو ما يظن السير جلبرت كليتون أنه كان المقصود.

(هـ)

واذا جاز اتخاذ نية شخص وسيلة لفهم ما قيل بالفعل، فهذا الشخص لا يكون إلا الرجل المسئول عن السياسة التى رسمت، وهو في هذه الحالة السير ادوارد جرى – الفيكونت جرى أوف فالودن فيما بعد – وكان وزيرا للخارجية في ذلك الوقت وبناء على تعليماته كان السير هنرى مكماهون يقدم للشريف عهود بريطانيا. وقد خطب اللورد جرى في مجلس اللوردات في 27 مارس 1923 فقال انه يشك شكا كبيرا في صحة تفسير الحكومة البريطانية للعهد الذى أمر هو بان يقطع للشريف حسين في سنة 1915.

         وقد ورد مندوبو المملكة المتحدة في الجلسة الرابعة على النقط المهمة التي وردت في ملاحظات مندوبى العرب التى تضمنتها الفقرات السابقة. وكان بين ما ادلوا به في ردهم ما يأتى:

( أ )

قال مندوبو المملكة المتحدة أن ما ذهبوا اليه فيما يتعلق بالمناطق التى لا يستطيعون التصرف أو العمل فيها بحرية بدون ضرر بمصالح حليفتهم فرنسا لا يزال قائما، لأنهم يرون أن ما قاله مندوبو العرب لم يفنده.

(ب)

أن ما قاله اللورد جرى في مجلس اللوردات في سنة 1933 كان في أثناء مناقشة ولم يكن أمامه نص تصريح بلفور.

         حاول كل من مندوبى المملكة المتحدة والعرب – بنجاح فيما يرجون – أن يفهم وجهة النظر الأخرى، ولكنهم لم يستطيعوا أن يصلوا إلى اتفاق على تفسير المكاتبات. وهم يشعرون بأن عليهم أن يقدموا تقريرهم إلى المؤتمر بهذا الأمر الواقع.

         على أن مندوبى المملكة المتحدة أبلغوا مندوبى العرب ان حجة العرب كما شرحت للجنة فيما يتعلق بتفسير المكاتبات ولا سيما فيما يتعلق بمعنى عبارة أجزاء من بلاد الشام الواقعة الى الغرب من ولايات دمشق وحمص وحماه وحلب، لها من القوة أكثر مما كان يبدو من قبل.

         وفضلا عن ذلك فان مندوبى المملكة المتحدة أبلغوا مندوبى العرب انهم يوافقون على أن فلسطين كانت داخلة في المنطقة التى طالب بها الشريف حسين في كتابه المؤرخ في 15 يونية 1915 وأنه ما لم تكن فلسطين قد استثنيت فيما بعد من هذه المنطقة، فانه بجب عدها داخلة في المنطقة التي تعهدت بريطانيا العظمى بالاعتراف بالاستقلال العربي فيها وتأييده وهم يذهبون الى أن التفسير الصحيح للمكاتبات يجعل فلسطين مستثناة ولكنهم يعترفون بأن العبارة التى تضمنت هذا الاستثناء لم تكن محددة صريحة ولا غير قابلة للخطأ، كما ظن في وقتها.

 مؤتمر فلسطين
ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 705 – 711″

       أشير من قبل الى أن اللجنة درست حوادث ووثائق تالية للمكاتبات رأى هذا الفريق أو ذلك أنها قد تلقى ضوءا على معنى المكاتبات، أو الغاية منها، وفي خلال هذا الدرس لفت نظر اللجنة في جملة ما لفت نظرها إليه إلى ما يسمى “اتفاق سايكس – بيكو” والى “تصريح بلفور” والى “رسالة هوجارث” (ملحق ف) وإلى “التصريح للسبعة” (ملحق و) والى تأكيدات أعطاها الجنرال السير ادموند – الفيكونت فيما بعد – اللنبى حين كان قائدا للقوات المتحالفة في سوريا وفلسطين (ملحق جـ) والتصريح البريطاني الفرنسي في 7 نوفمبر 1918 (ملحق ى).

       فيما يتعلق ب “رسالة هوجارث” تود اللجنة أن تبين ان مندوبى العرب يعتمدون اعتمادا عظيما على عبارة في رسالة أبلغها إلى الملك حسين الكومندر د. جـ. هوجارث من رجال المكتب العربي بالقاهرة في يناير 1918 ومؤداها أن هجرة اليهود إلى فلسطين لم يسمح لها الا بقدر ما يتفق ذلك مع الحرية السياسية والاقتصادية للاهالى العرب. وهذه العبارة هى ترجمة مندوبى العرب للعبارة المقابلة لها في مذكرات الملك حسين باللغة العربية عن محادثته مع الكومندر هوجارث. وقد أبلغ مندوبو المملكة المتحدة المندوبين العرب أن الحكومة البريطانية رأت من الضروري لجلاء الموضوع أن تنشر النص الكامل للرسالة التى كلف الكومندر هوجارث أن يبلغها مع تقريره عن زيارته. (أنظر”ملحق و”).

       كذلك أبلغ مندوبو المملكة المتحدة مندوبى العرب أن حكومة جلالته رأت من الضروري أن تنشر نص التصريح الذى أعطى في حوالي 16 يونيه 1918 لسبعة من كبار العرب سبق لهم أن قدموا الى حكومة جلالته مذكرة في موضوع مستقبل البلاد العربية. (انظر “ملحق ز”).

       وليس من اختصاص اللجنة أن تبدي رأيا في التفسير الصحيح للبيانات المختلفة المذكورة في الفقرة 19 ومثل هذا الرأى لا يمكن في أى حال أن يتكون إلا بعد النظر في بيانات أخرى صدرت في أثناء الحرب أو بعدها. على أن من رأى اللجنة مع ذلك أن من الجلى من هذه البيانات أن حكومة جلالته لم تكن حرة في التصرف في فلسطين بدون مراعاة لرغبات أهالى فلسطين ومصالحهم، وأن هذه البيانات يجب أن تدخل في الحساب عند محاولة تقدير المسئوليات التي احتملتها حكومة جلالته حيال هؤلاء الأهالى، كنتيجة للمكاتبات، كائنا ما كان تفسيرها.

        16 مارس 1939

           الامضاءات

ت . السويدى
موسى العلمى
موم

ع. ر. عزام
ع. ر. عزام
جراتان بوش

عونى عبد الهادي

لاسى باجاللى

.

Scroll to Top