رسالة أيزنهاور إلى الكونجرس الأمريكي

 

رسالة ايزنهاور إلى الكونجرس الأمريكي في 5 يناير 1957
“ملف وثائق فلسطين عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1195 – 1200”

رسالة ايزنهاور(*)
إلى الكونجرس الأمريكي
في 5 من يناير سنة 1957

        لعلي أولا أستطيع أن أعبر عن تقديري العميق لكرمكم البالغ في إتاحة الفرصة لأتحدث إليكم عن مسألة أعتقد أنها ذات أهمية كبيرة لبلادنا.

        سأستهل رسالتي هذه باستعراض الموقف الدولي العام: هناك آمال عالمية نسلم بها كما توجد مسئوليات عالمية أيضا يجب القيام بها لتأمين الحرية بما فيها من حريتنا نحن.

        والشرق الأوسط اليوم وضع خاص، حيث أشعر أنه من الضروري الآن أن أستعرضه أمامكم. قبل ذلك يجب أن نذكر أنفسنا، أن عملنا القومي الأساسي في الشئون الدولية هو دائما السلام، السلام العالمي القائم على العدالة ويجب أن يسود مثل هذا السلام جميع أجزاء العالم. علينا أن نفاوض كل أمة صغيرة كانت أو كبيرة بنية طيبة متبادلة وبصبر وحزم لإيجاد تفاهم أكثر بيننا.

        وبالاضافة إلى هذا التفاهم تجب تنمية الثقة اللازمة، وتعمل حكومتنا ليل نهار، لإعلاء شأن هذه الأهداف ولكن إلى أن تكلل جهودنا بالنجاح وفي سبيل تأمين الوجود السليم لجميع الأمم، فإن مصلحة السلام تتطلب منا أن نكون دائما متيقظين ومتنبهين وأقوياء.

        لقد بلغ الشرق الأوسط مرحلة جديدة وصعبة في تاريخه الهام والطويل ومرت قرون طويلة على دول هذه المنطقة دون أن تتوصل إلى الحكم الذاتي ومارست الشعوب الأخرى سلطتها في المنطقة، وبقى أمن هذه المنطقة يعتمد إلى حد كبير على قوتها، ولكن منذ الحرب العالمية الأولى يوجد اتجاه ثابت نحو إقامة حكومات مستقلة والحصول على الاستقلال. وقد رحبت الولايات المتحدة بهذا الاتجاه الجديد وشجعته. إن بلادنا تؤيد بدون حدود السيادة التامة والاستقلال لكل أمة في الشرق الأوسط.

        إن الاتجاه نحو الاستقلال في ذاته ركن من أركان السلام، ولكن المنطقة تعيش غالبا في قلق، إن التيارات المختلفة والخوف والمناورات التي تساندها القوى الخارجية أدت جميعها إلى عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وحتى في الوقت الحاضر تتنازع بعض الدول الأوربية حول ممارسة نفوذها في المنطقة كما أن الهجوم


 

          (*) نقلا عن كتاب:

.Document of International Affairs 1957

رسالة ايزنهاور إلى الكونجرس الأمريكي في 5 يناير 1957
“ملف وثائق فلسطين عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1195 – 1200”

الإسرائيلي في أكتوبر زاد من شدة الخلافات بين إسرائيل وجيرانها العرب. واستطاعت الشيوعية العالمية استغلال هذا الوضع من عدم الاستقرار لمصلحتها.

         إن الحكام الروس يسعون منذ أمد طويل للسيطرة على الشرق الأوسط وذلك في أثناء الحكم القيصري، وفي العهد البلشفي أيضا، والأسباب التي تدفعهم إلى ذلك ليست خافية. فهم لا يفعلون ذلك لمصلحة أمن روسيا لأنه لا توجد أية دولة تخطط لكي تتخذ من الشرق الأوسط قاعدة للعدوان ضد روسيا، ولم يحدث حتى هذه اللحظة أن طرأت مثل هذه الفكرة على الولايات المتحدة.

         وإن الاتحاد السوفيتي لا يجد أي سبب يجعله يخشى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أو في أية بقعة من العالم، لأن حكامها أنفسهم لم يلجئوا قط للعدوان. كما أن روسيا، تسعى للسيطرة على الشرق الأوسط بسبب مصلحتها الاقتصادية، وهي لا تعتمد على قناة السويس في شيء. وفي سنة 1955 لم تزد نسبة السفن الروسية التي مرت في القناة عن ثلاثة أرباع من 1% من مجموع السفن التي مرت بها في ذلك العام، وليست روسيا بحاجة إلى مصادر البترول في المنطقة التي هو فيها مصدر الثروة الرئيسي، لأن روسيا في الحقيقة تصدر البترول كمنتجات رئيسية.

         ولكن الدافع لسيطرة روسيا على الشرق الأوسط في حقيقته دافع سياسي يمثل هدفها في نشر الشيوعية في العالم، ومن هنا نفهم الأمل الذي يدفع روسيا إلى السيطرة على الشرق الأوسط.

         إن هذه المنطقة كانت ولا تزال ملتقى الطرق لقارات النصف الشرقي من العالم وتعتبر قناة السويس عاملا هاما بالنسبة لدول أسيا وأوروبا لممارسة التجارة التي هي بمثابة شرايين الحياة لهذه الدول لبناء اقتصادياتها، كما يعتبر الشرق الأوسط ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقية.

         ويحتوي الشرق الأوسط على ثلثي كميات البترول التي في العالم وهو يمد دولا كثيرة في أوروبا وآسيا وأفريقية بحاجاتها من البترول كما تعتمد دول أوروبا بصورة خاصة على الشرق الأوسط في مدها بالبترول، حيث يقوم اعتمادها هذا على الإنتاج. وثبتت هذه الحقيقة عندما أقفلت قناة السويس ونسفت بعض أنابيب البترول.

         إن هذه الأمور تؤكد أهمية الشرق الأوسط وتفقد دول المنطقة استقلالها إذا وقعت تحت سيطرة القوى الأجنبية المعادية للحرية وعندئذ تقع الكارثة بالنسبة للمنطقة نفسها وبالنسبة للشعوب المحبة للحرية والتي ستعرض حياتها الاقتصادية للاختناق. ولولا وجود مشروع مارشال وقيام حلف الأطلنطي ما سلمت أوروبا الغربية من الأخطار، ولو تحققت مثل هذه السيطرة الأجنبية على الشرق الأوسط ما سلمت الأمم المتحدة في آسيا وأفريقية من الهلاك. كما تفقد دول الشرق الأوسط أسواقها التي تعتمد عليها اقتصادياتها ثم ينعكس كل ذلك على حياة أمتنا الاقتصادية وأهدافها السياسية.

         وهنالك عوامل أخرى تؤكد أهمية الشرق الأوسط فهو مولد الديانات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية. إن مكة والقدس تمثلان ديانات تبشر بأن الروح أسمى من المادة وأن للإنسان كرامة وحقوقا تعجز حكومة دكتاتورية أن تسلبه

رسالة ايزنهاور إلى الكونجرس الأمريكي في 5 يناير 1957
“ملف وثائق فلسطين عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1195 – 1200”

إياهما. وتكون غلطة لا تغتفر إذا وقعت الأماكن المقدسة تحت حكم يمجد المادة والإلحاد.

         إن الشيوعية العالمية تسعى لإخفاء أغراضها تحت ستار النية الطيبة وتقديم المعونات السياسية والاقتصادية والعسكرية ويجب على كل أمة حرة أن تنظر بحكمة إلى الأغراض التي يخفيها هذا الستار.

         وتذكروا ماذا حدث في استونيا ولاتفيا وليتوانيا:

         ففي عام 1939 دخل الاتحاد السوفيتي في معاهدات مشتركة لتقديم المساعدات لهذه الدول المستقلة في ذلك الوقت، وقال وزير الخارجية السوفيتي في خطاب ألقاه أمام مجلس السوفييت الأعلى في أكتوبر عام 1939:

         “إننا ننظر إلى المعاهدات المرتقبة على أساس من تبادل المعاملة التام، ونحن نعلم أن الكلام حول صبغ الدول الأطلنطية بالصبغة السوفييتية ما هو إلا خرافة يخدم مصلحة العدو المشترك والعناصر الاستفزازية المعادية للسوفييت” ومع ذلك ففي عام 1940 انضمت لاتفيا، واستونيا وليتوانيا بالقوة إلى الاتحاد السوفييتي.

         واستطاع الاتحاد السوفييتي أن يسيطر على الدول التابعة لأوروبا الشرقية عن طريق القوة، بالرغم من الوعود التي قطعت خلال الحرب العالمية الثانية.

         وبموت ستالين كان هنالك أمل بتغيير هذا الاتجاه. ونحن نقرأ العهد الوارد في معاهدة وارسو عام 1955، وينص على أن الاتحاد السوفييتي سيتبع مع دول شرقي أوروبا مبادئ الاحترام المتبادل لاستقلالها وسيادتها وعدم التدخل في شئونها الداخلية. ولقد رأينا قهر المجر بقوة السلاح، وبعد هذه الكارثة الهنغارية نزلت وعود الاتحاد السوفييتي واحترامه في العالم إلى الحضيض، وتسعى الشيوعية الدولية إلى أن تحصل على نجاح باهر.

         وهكذا لدينا ثلاث حقائق مسلم بها:

1 –

كان الشرق الأوسط دائما هدفا للأطماع السوفييتية وهو اليوم موضع اهتمام الشيوعية العالمية أكثر من أي يوم مضى.

2 –

يتظاهر حكام الاتحاد السوفييتي دائما بأنهم لا يبغون استعمال أية وسيلة لاكتساب أصدقائهم.

3 –

إن الأمم الحرة في الشرق الأوسط تريد أن تقوي نفسها للمحافظة على استمرار استقلالها.

         ومن الطبيعي أن أفكارنا تتجه إلى الأمم المتحدة، أنها حامية للأمم الصغرى حيث ميثاقها يعتبر ضمانا أكيدا للمحافظة على الأمن والسلام العالميين. إن بلادنا منحت تأييدها المطلق للأمم المتحدة بالنسبة للعدوان على هنغاريا ومصر. واستطاعت الأمم المتحدة أن تتوصل إلى وقف إطلاق النار في مصر وانسحاب القوات المعتدية لأنها كانت تتعاون مع الحكومات والشعوب التي تحترم آراء الجنس البشري التي انعكست في الجمعية العامة للأمم المتحدة وأما في حالة المجر فإن الأمر يختلف كثيرا حيث استعمل الاتحاد السوفييتي حق الفيتو في مجلس الأمن الذي أقر انسحاب القوات السوفييتية من المجر وتجاهلت روسيا قرارات الجمعية العامة وتوصياتها بهذا الشأن وتستطيع الأمم المتحدة أن تساعد إلى حد كبير في حماية الحرية ولكنها ليست قادرة كلية على وقف الأطماع السوفييتية.

رسالة ايزنهاور إلى الكونجرس الأمريكي في 5 يناير 1957
“ملف وثائق فلسطين عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1195 – 1200”

         وفي مثل هذه الظروف التي ذكرتها سابقا تقع مسئولية كبيرة على الولايات المتحدة ورأينا أنه لا يستطيع أحد أن يشك في المبدأ القائل: بأنه من المستحيل استعمال القوة في المجال الدولي للأغراض العدوانية، لذلك يجب عدم الاعتداء على استقلال دول الشرق الأوسط ووحدة أراضيها.

         إن رغبتنا إنما هي في عالم حر وليس في عالم عبيد.

         ومن جهة أخرى نجد أن كثيرا من أمم الشرق الأوسط إن لم تكن كلها واعية للأخطار النابعة عن الشيوعية العالمية فهي ترحب بتعاون أوثق مع الولايات المتحدة إيمانا منها بأهداف الأمم المتحدة في الاستقلال والتقدم الاقتصادي والروحي.

         وفي مثل هذه الظروف أعتقد أنه من الضروري الحصول على تعاون الكونجرس بهذا نستطيع أن نضمن التأكيدات اللازمة لصد العدوان ومنح الثقة والتشجيع للأمم المتحدة التي تقدس الحرية، وبهذا أيضا نقف في وجه الأخطار ألتي تهدد حرية العالم.

         وسبق للولايات المتحدة أن أعلنت عدة قرارات عملية حيال الشرق الأوسط:

         هنالك التصريح الثلاثي الذي أذيع في 25 من مايو عام 1950 الذي تبعه تأكيد أمريكا للملك سعود في 9 من أبريل عام 1956. بأن الولايات المتحدة ستقف ضد كل اعتداء يقع على المنطقة باستخدام جميع الوسائل الدستورية.

         وهنالك تصريح 21 من نوفمبر 1956 الذي أعلن عنه وينص على أن الولايات المتحدة تبدي اهتماما كبيرا لكل خطر يهدد استقلال إيران والعراق والباكستان وتركيا ووحدة أراضيها.

         ومع ذلك فإن ضعف الموقف الحاضر وتزايد خطر الشيوعية العالمية جعلاني أقتنع بأن سياسة الولايات المتحدة الأساسية يجب أن تتمثل في تعاون الكونجرس والسلطة التنفيذية، كلما وجدا ضرورة لتنفيذ أقوالنا بصورة عملية.

         وليس خافيا على رئيس الولايات المتحدة والكونجرس أن أي عمل من شأنه أن ينال من حرية الشعوب الحرة ووحدة أراضيها يمس حرية الولايات المتحدة وأمنها.

         واتحدت كلمتنا على مساندة جهاز الأمن التابع للأمم المتحدة، وعاضدنا جهاز الأمن التابع للأمم المتحدة بسلسلة من الاتفاقيات الدفاعية الجماعية ولنا اليوم معاهدات للأمن مع 42 دولة اعترافا منا بأن سلامتها وأمنها مرتبطان بسلامتنا وأمننا. واتحدت كلمتنا على اتخاذ عمل حاسم حيال اليونان وتركيا.

         وهكذا نجد أن الولايات المتحدة استطاعت خلال العمل الموحد بين الرئيس والكونجرس من جهة وبين مجلس الشيوخ بالنسبة للمعاهدات من جهة أخرى بأن تؤمن الحكومات المتحررة والمستقلة ضد كل تهديد خارجي. لقد ساهمنا في المحافظة على الأمن والسلام خلال فترة خطيرة عصيبة.

         ونجد اليوم من الضرورة بمكان أن تعمل الولايات المتحدة على مساعدة أمم الشرق الأوسط التي ترغب في ذلك، باتخاذ عمل موحد بين الرئيس والكونجرس. ويقوم هذا الحمل المقترح على الأسس التالية:

رسالة ايزنهاور إلى الكونجرس الأمريكي في 5 يناير 1957
“ملف وثائق فلسطين عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1195 – 1200”

أولا:

تخويل الولايات المتحدة السلطة في أن تتعاون وتساعد أية أمة أو مجموعة من الأمم في منطقة الشرق الأوسط في تطوير اقتصادياتها وتدعيم استقلالها الوطني.

ثانيا:

تخويل السلطة التنفيذية التعهد بتنفيذ برامج المعونات العسكرية والتعاون مع أية أمة ترغب في ذلك.

ثالثا:

تخويل الحكومة تقديم المساعدات وزيادة التعاون بما فيه من استخدام القوات المسلحة للولايات المتحدة لحماية استقلال هذه الدول ووحدة أراضيها وعندما تطلب ذلك لصد العدوان المسلح من جانب الشيوعية الدولية.

        وتطابق هذه الإجراءات المعاهدات والالتزامات الدولية ومن ضمنها ميثاق الأمم المتحدة، كما تخضع لسلطة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طبقا للميثاق وذلك في حالة وقوع أي هجوم مسلح.

رابعا:

تخويل الرئيس سلطة استخدام الوسائل الاقتصادية والعسكرية والدفاعية ووضع المبالغ اللازمة لتنفيذ معاهدة الأمن المتبادل عام 1954، بدون أي حدود.

        والتشريع المطلوب الآن لا يدخل ضمن نطاق الميزانية أو أن تحمل هذه الأعباء الجديدة ميزانية السنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 من يونيو ولا تستطيع دائرة ما بحث تشريع لإقرار 200 مليون دولار خلال السنتين الماليتين 1958 و 1959 لصرفها في المنطقة بالإضافة إلى برامج الدفاع المتبادل الخاصة بالمنطقة والموافق عليها من قبل الكونجرس.

        إن هذا البرنامج لن يحل جميع مشاكل الشرق الأوسط، كما أنه لا يمثل المبادئ السياسية الأربعة الخاصة بالمنطقة، وهنالك مشكلة فلسطين والعلاقات بين إسرائيل والدول العربية ومسألة مستقبل الوضع في قناة السويس، إن الشيوعية العالمية تستغل هذه المشاكل، ولكنها لا تزال بعيدة عن هذا التهديد . إن غرض التشريع الذي اقترحته لا شأن له بهذه المشاكل بصورة مباشرة لأن الأمم المتحدة تكرس اهتماما خاصا لهذه المسائل، ولقد أوضحت الولايات المتحدة عن طريق خطاب السيد دالاس وزير الخارجية الذي أذاعه في 26 من أغسطس عام 1955 إننا نرغب في بذل أقصى الجهود لمساعدة الأمم المتحدة في حل مشاكل فلسطين الأساسية.

        إن التشريع المقترح خاص باحتمال وقوع عدوان شيوعي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهناك ضرورة ملحة تستوجب سد أي نقص في القوة بالمنطقة ولكن ليس عن طريق أية قوة أجنبية أو خارجية بل عن طريق تدعيم وسائل الأمن للدول المستقلة في المنطقة.

        وتدل التجارب أن العدوان غير المباشر نادرا ما يحقق نجاحا، وهنالك وسائل دفاعية كافية ضد العدوان المباشر بما لدى الحكومة من قوات مسلحة وحيث أن الظروف الاقتصادية لا تدع مجالا للشيوعية لتقديم عروض مغرية والبرنامج المقترح يعالج الحالات الثلاث وضمنها حالة العدوان غير المباشر.

رسالة ايزنهاور إلى الكونجرس الأمريكي في 5 يناير 1957
“ملف وثائق فلسطين عام 1950 إلى 1969، وزارة الإرشاد القومي، ج 2، ص 1195 – 1200”

         وإني آمل وأعتقد أننا لو حققنا غرضنا هذا، كما هو مقترح في التشريع المطلوب، فإن كل حقيقة من هذه الحقائق من شأنها أن تساعد على وقف أي احتمال للعدوان. وإننا سنشجع الوطنيين الذين يحرصون على استقلال شعوبهم فإنهم سيشعرون أنهم لا يقفون وحدهم في وجه تهديد أية دولة من الدول العظمى.

         وأضيف أن الوطنية في هذه المنطقة تعتبر شعورا متدفقا. ويمنع الخوف أحيانا ظهور الوطنية الحقيقية، ولكن إذا تلاشى هذا الخوف فإن الجو يتهيأ لنمو الآمال الوطنية.

         وكما أشرت، أننا سنضطر إلى المساهمة في تدعيم اقتصاديات هذه البلدان أو مجموعة البلدان التي لها حكومات تغار على استقلالها، وتقاوم أعمال الهدم والتخريب وتستطيع مثل هذه الإجراءات أن تكون بمثابة ضمان ضد التغلغل الشيوعي.

         والكلام بدون العمل ليس كافيا.

         واسمحوا لي أن أعود إلى تخويل السلطة اللازمة لاستخدام قوات الولايات المتحدة لصد أي عدوان شيوعي مسلح يهدد استقلال بلدان الشرق الأوسط ووحدة أراضيها، إن هذه السلطة لا تمارس إلا برغبة الأمة التي يقع عليها العدوان وإنني آمل ألا تمارس مثل هذه السلطة قطعيا.

         ومن الضروري. إعلان هذه السياسة الخاصة بالدفاع عن المنطقة بتصميم وصراحة، وإذا خاب أملي وظهر وضع يدعو إلى تطبيق هذه السياسة من الناحية العسكرية فإنني سأحافظ على الاتصال الدائم بالكونجرس، وفي حالة عدم وجود الكونجرس في دورة الانعقاد ودعت خطورة الموقف إلى انعقاد الكونجرس فإنني سأدعوه إلى الانعقاد في جلسة خاصة.

         وتشمل هذه السياسة التي لخصتها أمامكم أعباء وأخطار للولايات المتحدة وهذه السياسة المقترحة لا تروق للذين يطمعون في المنطقة، فهم يحاولون الآن تشويه هذا الاقتراح.

         والحقيقة أن الشعب الأمريكي قدم تضحيات كبيرة من أجل الحرية ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتقدر هذه التضحيات ببلايين الدولارات وبآلاف الأرواح الغالية.

         ويجب ألا تضيع هباء هذه التضحيات التي شملت مساحات واسعة من العالم.

         وفي تلك الفترات اتحدت كلمة الرئيس والكونجرس لخدمة مصالح الولايات المتحدة الحيوية وخدمة مصالح العالم الحر.

         ولقد عادت الفرصة مرة ثانية لتبلور وحدتنا الوطنية من أجل تدعيم الحرية والمحافظة على احترامنا العميق لحقوق كل أمة في الاستقلال صغيرة كانت أم كبيرة إننا لا نسعى وراء العنف بل وراء السلام، وعلينا أن نكرس جميع طاقاتنا وعزمنا لهذا الغرض.


Scroll to Top