مذكرة اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني إلى المندوب السامي بطلب الحكم النيابي لفلسطين

 

مذكرة اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني إلى المندوب السامي بطلب الحكم النيابي لفلسطين
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 381 – 382”

مذكرة اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني
إلى المندوب السامي بطلب الحكم النيابي لفلسطين 
سنة 1928

         تتشرف اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني المنعقد في القدس في 20 حزيران سنة 1928 الممثل لعموم الأحزاب العمومية إسلامية ومسيحية بأن ترفع لفخامتكم قرار المؤتمر المذكور بطلب تأسيس حكومة نيابية في فلسطين مشفوعا بما يؤيد هذا الطلب وما يدفع الأمة العربية الفلسطينية بمجموعها إلى التمسك به والعمل له بكل طريقة مشروعة.

         إن لفلسطين كغيرها من البلاد حقا صريحا في تقرير مصيرها أقرته جميع دول الحلفاء قبل الهدنة وبعدها واتخذه العالم بأجمعه مبدأ ساميا تسير الأمم على نوره في معاملة بعضها بعضا فيرتاح القوي للضعيف ويثق الضعيف بالقوي ويحل الوئام محل الخصام وليس قرار المؤتمر العربي الفلسطيني المذكور أعلاه إلا ظاهرة من مظاهر هذا الحق.

         وان فلسطين لبلاد عربية محكمة الاتصال بجميع البلاد العربية التي قطعت لها عهودا صريحة من قبل حكومة انجلترا في أوائل الحرب العظمى فكان من أجلها أن انتظمت هذه البلاد في صفوف الحلفاء وسفكت دماء أبنائها في سبيل نيل حريتها المقدسة واستقلالها المنشود.

         على أن لو اعتبرنا ما لم تقر البلاد من أن فلسطين تعتبر من الوجهة الدولية بلادا تحكم بموجب المادة 22 من عهد عصبة الأمم لوجدنا أن طلب تشكيل حكومة نيابية في فلسطين هو نفسه ما تنص عليه تلك المادة ضمنا وصراحة.

         وقد صرحت انجلترا وفرنسا في دمشق ثم نشر تصريحهما بمناشير وزعت من الإدارة المحتلة عندئذ في عموم المدن والقرى من أن لسوريا وفلسطين حق التمتع بالحكم النيابي والاستقلال.

         وعلى هذه الأسس نالت جميع البلاد العربية المجاورة لها حق تقرير مصيرها بنفسها والمشمولة بالعهود المقطوعة للعرب والمنصوص عنها فى المادة 22 من عهد عصبة الأمم لفلسطين والتي كانت بنفس الحالة التي كانت بها فلسطين قبل الحرب كالعراق وسوريا وشرق الأردن نالت قسطا من الحكم النيابي أو أنها ستناله قريبا ولم تبق غير فلسطين ترسف في قيود حكم استعمارى مطلق.


       الجامعة العربية – القدس – 26 / 7 / 1928 ص 2.



(تابع) مذكرة اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني إلى المندوب السامي بطلب الحكم النيابي لفلسطين
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 381 – 382”

        وفوق كل ما تقدم فإن الخبرة التي اكتسبها الفلسطينيون في تطبيق الحكم الاستعماري المطلق مدة السنوات العشر الأخيرة تدفعهم إلى أن يعلنوا عقيدتهم الراسخة من أن هذا الحكم قد أخفق اخفاقا تاما، مستدلين على ذلك بنتائجه المحزنة الظاهرة للعيان لاستمرار الأزمة المالية التي استحكمت حلقاتها منذ سنتين كما تنطق بذلك البيانات والأرقام الرسمية المنشورة في تقارير الحكومة السنوية وفي إرهاق السكان الفقراء بالضرائب الثقيلة لإعداد البلاد للهجرة الصهيونية كما صرح بذلك فى هذا الشهر المستر سايمس مندوب الحكومة البريطانية أمام لجنة الانتدابات. فكان من ذلك أن أسيء إلى أهل البلاد بتحميلهم ما لا طاقة لهم به وأسيء إلى المهاجرين باستدراجهم من بلادهم التي كانوا فيها آمنين إلى بلاد يقاسي أكثرهم اليوم فيها أشد حالات البؤس والشقاء، والظاهرة أيضا بما قذفت به الحكومة هذه البلاد من القوانين التي لا توافق طبائع أهلها وعاداتهم وشرائعهم فأوقعت البلاد في ذهول ودهشة ورجال القضاء والمحاكم في حيرة وفوضى وفي عدم الاتساق والتناسب في توزيع الميزانية العامة وعدم استقرارها على حال وفي أمور متنوعة أخرى كانت كلها نتيجة منتظرة لاستقلال رجال الحكومة بسلطتي التشريع والتنفيذ وكلهم من الغرباء الذين يجهلون حالات البلاد وطبائعها وعقلية سكانها وطبائعهم.

        فاستنادا على الحقوق الطبيعية وعلى العهود المقطوعة للعرب في أمر استقلالهم وعلى عصبة الأمم وما نشر في طول البلاد وعرضها على لسان إنجلترا وحلفائها واستنادا على إخفاق الحكم الاستعماري مدة العشر سنوات الماضية قرر المؤتمر العربي الفلسطيني المنعقد في القدس في 20 حزيران 1928 مطالبة حكومة انجلترا بتأسيس حكومة نيابية في فلسطين.

        وان الأمة العربية الفلسطينية بمجموعها على اختلاف طبقات أفرادها ونزعاتهم قد أقرت في مؤتمرها كل هذا الطلب وهي تعتقد أنه الحل الوحيد للمعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بها.

        وإن اللجنة التنفيذية التي انتخبها المؤتمر المذكور لتمثله وتنفذ قراراته لعلى استعداد للمذاكرة مع مندوبي الحكومة فى الأسس والطرق التي تضمن للبلاد حقوقها المشروعة. وهى تأمل بما تعهده في فخامتكم من الميل إلى مناصرة العدل وتأييد حقوق الأمم أن تتوصل بمساعدتكم الثمينة إلى نيل حقوقها كاملة وبذلك تكونون قد وضعتم أسس الاصلاح والسلام في هذه البلاد المقدسة.

        وتفضلوا يا صاحب الفخامة بقبول فائق الاحترام.

Scroll to Top