مذكرة الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى الملوك والرؤساء العرب بالدعوة لرفض قرار مجلس الأمن بخصوص أزمة الشرق الأوسط

مذكرة الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى الملوك والرؤساء العرب لرفض قرار مجلس الأمن
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 976 – 977 “

مذكرة الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى
الملوك والرؤساء العرب بالدعوة لرفض
قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص
ازمة الشرق الأوسط. (1)

بيروت، 6 / 12 / 1967
( ” فلسطين “، بيروت، كانون الثاني 1968، ص 4 )

         … والهيئة العربية، بما لها من ثقة وطيدة في هذا المؤتمر الموقر الذي يجمع ملوك الدول العربية ورؤساءها وممثليهم، وثقة بحرصهم الشديد على سلامة قضية فلسطين والمصلحة العربية العليا، ترجو منهم، بكل احترام، جعل وجهة نظرها ورأي الشعب الفلسطيني، بشأن المشروع البريطاني، آنف الذكر، موضع العناية والاهتمام. وهي تعتمد ان سلامة قضية فلسطين والمصلحة العربية العليا، على المدى البعيد، تدعو إلى رفض المشروع من اساسه. كما ترجو الهيئة العربية من المؤتمر الموقر، وضع سياسة جديدة للعمل العربي تنطوي على القوة والعزيمة الصادقة، والنفس الطويل، لا يكون هدفها استرجاع الأراضي العربية التي احتلتها اسرائيل في حزيران المنصرم وحسب، بل تحرير فلسطين بأسرها وإنقاذها من ويلات الاحتلال اليهودي وعاره وعواقبه، فهو ليس كغيره من انواع الاحتلال التي عانت منها بعض الدول العربية في الماضي القريب، وكان هدفها تحقيق اطماع اقتصادية أو السيطرة على مواقع استراتيجية وعسكرية، بل هدف الاحتلال اليهودي الاستيطان الدائم في قلب العالم العربي وانتزاع الوطن من اهله وإبادة شعبه وتشريده، وفصل مشرقه عن مغربه والقضاء على خصائصه وتراثه الروحي بأفظع الطرق والوسائل.

         لقد سبق للدول العربية ان قاومت الاستعمار بمختلف اشكاله، وابت لنفسها ذلك الاحتلال الأجنبي العابر، وتحملت في سبيل مقاومتها له تضحيات عظيمة حتى تمكنت من تحقيق استقلالها واستعادة كرامتها. ولا شك في ان هذه الدول العربية ستساند الشعب الفلسطيني في رفضه الاحتلال اليهودي، وستدعمه في مقاومته الشريفة له، بكل ما يجعله قادرا على الكفاح عاما بعد عام، وجيلا بعد جيل، حتى يأذن الله بالنصر وتتحرر فلسطين من هذا الداء الوبيل.

         ان قضية فلسطين، هي قضية العرب والمسلمين، والجهاد في سبيل انقاذها واجب على كافة الدول والشعوب الإسلامية والعربية، وأمانة في اعناقهم جميعا، ولا يجوز التفريط فيها لمجرد هزيمة عسكرية حاقت ببعض قوانا، بل يقضي الواجب بمقاومة العدو وإبقاء حالة الحرب معه وحرمانه من الطمأنينة والاستقرار، لان انهاء حالة الحرب وإقامة سلم دائم مع هذا العدو، تكون وصمة عار اشد وادهى من وصمة نجاحه في اقامة كيان مصطنع له على معظم ارض فلسطين.

         وان القبول بإنهاء حالة الحرب يسد الطريق على المجاهدين، من ابناء هذا الجيل والأجيال المقبلة، الذين لن يسمحوا ببقاء الاحتلال الصهيوني في قلب فلسطين والعالم العربي. والشعوب المجاهدة لا تنتظر من الأشقاء سوى الدعم والمساندة ويبقى لهذه الشعوب الحق الأول في التصرف في وطنها. وإذا قيل ان بعض


1 – قدمت هذه المذكرة بمناسبة قرب انعقاد مؤتمر القمة العربي الخامس

 

مذكرة الهيئة العربية العليا لفلسطين إلى الملوك والرؤساء العرب لرفض قرار مجلس الأمن
المصدر: ” الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 976 – 977 “

الدول العربية تعتقد انها غير مسؤولة مباشرة عن مصير قضية فلسطين وأنها تترك للدول المجاورة لفلسطين ان تتحمل مسؤولية الحل الذي ترتضيه لهذه القضية، فلا شك في أن هذا ليس من صالح القضية في شيء، فالتضامن والتعاون إلى اقصى الحدود هو المطلوب على اساس استنقاذ الوطن السليب وترك مسؤولية التصرف النهائي فيه لشعبه والتقيد برأيه في مصيره.

          وبعد فإن الهيئة العربية تقدر كل التقدير ما اعلنه ويعلنه اقطاب الأمة العربية المسؤولون عن تمسكهم الشديد بحقوق الشعب العربي الفلسطيني ومطالبه، وإصرارهم على أن قضية فلسطين لا يمكن حلها الا برأي أهلها ووفق مشيئتهم، وتسترعي الأنظار الكريمة إلى ان تحقيق هذا الهدف يحتم فسح المجال لهذا الشعب لاختيار ممثليه الحقيقيين، بالوسائل الدستورية المستطاعة، ليتولوا نيابة عنه وباسمه، الدفاع عن قضيتهم وضمان سلامتها في كل ما يعرض لها من حلول. ومن العسير بغير هذه الوسيلة معرفة رأي الشعب الفلسطيني ومطالبه الصحيحة، والشعب الفلسطيني لا يستطيع ان يلتزم بأية خطة لا يقرها ممثلوه الحقيقيون ولا يعترف بأي قرار يتخذ في شأن مصيره ومستقبله دون رأيه وإرادته.


 

Scroll to Top