رد اللجنة العربية العليا على تقرير وودهيد وبيان الحكومة البريطانية

رد اللجنة العرببة العليا على تقرير لجنة وودهيد وبيان الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 665 – 668”

رد اللجنة العربية العليا
على تقرير لجنة وودهيد وبيان الحكومة البريطانية (*)
15 / 11 / 1938

        اطلعت اللجنة العربية العليا على الخلاصة الرسمية لتقرير لجنة التقسيم وعلى بيان الحكومة البريطانية الذى أذيع يوم 10 تشرين الثانى سنة 1938.

تقرير لجنة التقسيم:

1 –

وأما تقرير لجنة التقسيم فقد جاء أسوأ خاتمة لسياسة اللجان الفاشلة ومن دواعي الاسف الشديد والعبث بالافهام ان ذلك التقرير يعتبر فلسطين وهى البلد المقدس والوطن العربى الصميم والرقعة الصغيرة من الارض قابلة لكل ما اشتمل عليه من تمزيق وتقطيع ومسخ وتشويه ومنح وتوزيع. على ان هذه القابلية كانت عند لجنة التقسيم نفسها نظرية محضة فلما وصلت الى تحديد الحدود وتعيين التخوم وقعت في حيرة وارتباك وحسبنا ان مشروع التقسيم هذا قد ولد ميتا حتى ان الحكومة البريطانية نفسها انتهت بعد التدقيق وانعام النظر الى ان انشاء دولتين في البلد الواحد هو حل غير عملى.

        واللجنة العربية العليا تأسف أشد الأسف لتأخر الحكومة البريطانية في الاقتناع بهذه الحقيقة التى كانت واضحة منذ اليوم الاول ونتساءل بحرارة وألم من هو المسئول عن هذه المصائب والويلات التى نزلت بالبلاد بسبب سياسة الحكومة التى أدت الى مثل فكرة التقسيم؟ ومن هو المسئول عن سياسة النار والحديد وأعمال التخريب والتدمير التى نكبت بها البلاد في هذا السبيل؟ وهل ستظل فلسطين بعد هذا كله عرضة لمثل تلك البرامج الخطرة التى تبتكرها المخيلات الصهيونية والاستعمارية فتندفع الحكومة البريطانية لتنفيذها؟.

        ان هذه النتيجة العقيمة الفاسدة لسياسة التقسيم انما أدت اليها تلك المقدمات الباطلة وهى محاولة خلق حق لليهود في فلسطين العربية وانشاء وطن قومى يهودى في صميم الوطن العربى. فان كل ما يبنى على الباطل فهو باطل وكل محاولة أخرى لترويج باطل اليهود على حساب حق العرب لن يكون مصيرها في النهاية الا مثل هذا المصير الفاشل.

 


         * كراس موجود في مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت.

 رد اللجنة العربية العليا على تقرير لجنة وودهيد وبيان الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 665 – 668”

بيان الحكومة البريطانية:

2 –

وأما بيان الحكومة البريطانية فان الشعب العربى يقابل يارتياح عدول بريطانيا عن سياسة تقسيم فلسطين واقتناعها بأن هذا التقسيم غير عملى وهو يرجو أن تكون قد اقتنعت بأنه غير عادل أيضا، واقلعت نهائيا عن التفكير في أى شكل من أقسام التقسيم أو ما يماثل التقسيم مما كان موضوع البحث في وقت من الاوقات.

          والشعب العربى يبدى ارتياحه أيضا الى أخذ الحكومة البريطانية بخطة المفاوضة واقتناعها بأن قضية فلسطين يجب أن تحل سياسيا لا حربيا والى اشتراك الاقطار العربية لحل قضيته التى طال عليها الامد ويعتبر ذلك اقرارا بالحقيقة الثابتة من ان قضية فلسطين هي قضية عربية عامة غير أن اللجنة العربية العليا تستغرب وتستنكراقصاء الحكومة البريطانية لسوريا ولبنان من الدعوة الى المفاوضات مع كونهما شديدتى الارتباط والاتصال بفلسطين وقضيتها متذرعة بحجة انهما تحت الانتداب في حين انها وجهت الدعوة الى حكومة شرق الاردن التى هى تحت الانتداب البريطانى.

3 –

واللجنة العربية العليا لا تقر الحكومة البريطانية على قولها في بيانها ” أنها تواجه مشكلة ايجاد وسائط لحل القضية تكون متفقة مع الالتزامات المترتبة عليها نحو العرب واليهود” لان الشعب العربى لا يعترف بشرعية التزامات بريطانيا نحو اليهود لانها قائمة على الغضب والعدوان ولأنها التزامات على حساب الغير.

          ان اللجنة الملكية البريطانية أثبتت في تقريرها ان التزامات بريطانيا نحو العرب أو اليهود هى التزامات متناقضة ولا يمكن التوفيق بينها. وتابعتها الحكومة البريطانية على هذا القول في بيان خطتها السياسية التى صحبت اعلان التقرير وفي تصريحات ممثلها في “عصبة الامم” فالعودة الآن الى محاولة التوفيق بين تلك الالتزامات المتناقضة لا يمكن أن تؤدى الى نتيجة وتعليق حل القضية على هذا التوفيق انما هو تعليق على المحال وضرب جديد من التعقيد والاشكال. وان الشعب العربى لا يمكن أن يوافق على اعتبار الالتزامات البريطانية لليهود القائمة على الغصب الباطل أساسا في قضيته ولا على اعتبارها أساسا في هذه المفاوضة.

4 –

وتقول الحكومة البريطانية ان الوصول الى تفاهم بين العرب واليهود هو من أثبت الاسس لاقامة دعائم السلام والتقدم في فلسطين واللجنة العربية العليا ترى ان هذا التفاهم لا يمكن أن يتم ما دام اليهود متشبثين بأطماعهم الباطلة في فلسطين فاذا كان المقصود من التفاهم أن يعيش اليهود بين العرب براحة وسلام فان ذلك ميسور لهم على أساس الميثاق القومي للشعب العربى الذى هو وحده صاحب الحق الشرعي في بلاده. أما دعوى اليهود في هذا الوطن فهي باطلة لا تستند الى أساس صحيح والا تقوم على غير الاوهام والخيالات ولا يؤيدها غير الحراب البريطانية وأن القول الفصل في قضية كهذه يجب أن يكون للحق والعدل فحسب.

رد اللجنة العربية العليا على تقرير لجنة وودهيد وبيان الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 665 – 668”

5 –

تعلن الحكومة البريطانية في بيانها عزمها على دعوة ممثلين عن الشعب العربي الفلسطينى والدول العربية المجاورة الى لندن للمفاوضة في سياسة فلسطين المقبلة دون أن تعين أساسا لتلك المفاوضة. فاللجنة العربية العليا تقول بهذه المناسبة ان للعرب ميثاقا يتلخص في منع الهجرة اليهودية منعا باتا وأن يستبدل بالانتداب معاهدة تنشأ بموجبها حكومة وطنية مستقلة. وهذا الميثاق قد أيدته الهيئات والمؤتمرات والحكومات العربية ولا يمكن للعرب أن يتراجعوا عنه لأنه الضمان الوحيد لكيانهم وحقهم الشرعى في بلادهم ولأنه مستوحى من طبيعة ذلك الحق الشرعى فضلا عن كونه يشتمل على أقصى ما يمكن من التسامح مع اليهود. وقد جرت العادة ان أية مباحثة لحل قضية ما يجب أن تعين أسسها قبل توجيه الدعوة ولا سيما في قضية كقضية فلسطين فيها دعوى باطلة ما يزال أصحابها اليهود يغذون أنفسهم بالاحلام والمطامع ويستندون فيها الى القوة الغاشمة والدعاية المضللة. وتأسف اللجنة أشد الأسف أن لا ترى في بيان الحكومة البريطانية شيئا من هذا يدعو الى الطمأنينة والأمل وتخشى أن يكون هذا الايهام عاملا في عقم نتيجة الدعوة وفشل المفاوضات وأن يكون مقصودا منها الآن لتنفرد الحكومة البريطانية بفرض الحل الذى تريده هى والذى يخشى أن يكون سببا في طول عهد الشقاء الذى يخيم على ربوع البلاد المقدسة.

        واما بشأن دعوة الحكومة البريطانية الوكالة اليهودية للمفاوضة في السياسة المقبلة فان الشعب العربى لا يوافق على اعتبار اليهود طرفا في قضيته ولا يدخل واياهم في مفاوضة على مصيره.

6 –

وقد أعلنت الحكومة البريطانية في بيانها احتفاظها لنفسها بحق رفض قبول زعماء العرب الذين تعتبرهم مسئولين عن حملة الاغنيال والعنف فاللجنة العربية العليا تبادر الى اعادة ما أشارت اليها مرارا من ان مسئولية الاضطرابات أولا وآخرا انما تقع في الحقيقة على الحكومة البريطانية وسلطاتها في فلسطين. فالشعب العربى لم يطلب الا حقه الطبيعى في بلاده. والسلطات البريطانية هى التى كانت في كل موقف من مواقف مطالبته بهذا الحق تعتدى عليه وتحاول سحقه وتصم اذنيها عن سماع أنينه وصراخه وتستفزه بتصرفاتها الهوجاء وسياستها العوجاء فليس من المنطق والحق في شيء أن يتحمل هو أو يتحمل زعماؤه مسئولية الاضطرابات التى دفع اليها دفعا لأن الحكومة البريطانية لم تترك له وسيلة أخرى لاعلان استنكاره لتلك التصرفات والسياسة المنكرة التى أريد بها تسليط شذاذ الآفاق عليه واذلاله في وطنه واجلاؤه عنه في النهاية.

        هذا من جهة ومن جهة أخرى فان اللجنة تتساءل عمن تقصد الحكومة البريطانية أن يكونوا ممثلين لعرب فلسطين من غير أعضائها ومفوضيها على حين تعلم الحكومة البريطانية حق العلم ان الشعب العربى أولى ثقته الغالية هذه اللجنة وحدها للدفاع عن حقه والعمل على تحقيق ميثاقه وأنه لا يوجد في فلسطين أية هيئة أخرى أو أفراد يستطيعون أن يدعوا تمثيل الشعب العربي في هذا الموقف كما أن اللجنة واثقة كل الثقة ان الحكومة البريطانية لن تجد من يتقدم الى اجابة دعوتها مزودا بأية ثقة من الشعب. واللجنة ترى ان في اعلان الحكومة البريطانية ذلك تعقيدا آخر للقضية لأنها تريد أن تحول دون تمثيل عرب

 رد اللجنة العربية العليا على تقرير لجنة وودهيد وبيان الحكومة البريطانية
“ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلي عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 665 – 668”

 

فلسطين تمثيلا صحيحا وصادقا في مفاوضات يتعلق بها مصيرهم. وقد أثبتت الحوادث والتجارب في فلسطين وغيرها عقم هذا الاسلوب وبعده عن الحقيقة والصواب دائما.

        فاذا كانت الحكومة البريطانية ترغب رغبة صادقة في حل هذه القضية وانهاء عهد الشقاء والقلق في فلسطين فيجب عليها أن تنفض يدها عن الأساليب التى مارستها الى الآن في معالجتها لهذه القضية وأن تواجه ما فيها من حقائق وأن تسلك سبيل الرشد والصواب وذلك باعلانها قبول الميثاق العربى أساسا للحل المقبل ومنع الهجرة اليهودية منعا باتا تمهيدا للمباحثات وعدم استرسالها في الاتهامات وتحميل المسئوليات جزافا وعدم اصرارها على حرمان الشعب العربى من اختيار ممثليه الذين أولاهم ثقته وعهد اليهم بالدفاع عن حقوقه.

7 –

وأخيرا تصرح الحكومة البريطانية بانها اذا لم تسفر مباحثات لندن عن الوصول الى اتفاق فان حكومة جلالته تتخذ قرارها الخاص. فاللجنة العربية العليا تلاحظ من الآن ان الحكومة البريطانية قد جعلت لهذه المباحثات مقدمات من شأنها تعقيد القضية فاذا تعذر الوصول الى اتفاق فان المسئولية فيها تعود عليها وعلى اليهود واللجنة تعلن للعالم من الآن انه في حالة كهذه لا يمكن للشعب العربي أن يقر أى حل يفرض عليه فرضا بالقوة الغاشمة ولا يوصله الى حقه الصريح. وسيظل في كل حال متمتعا بالعطف والتأييد من العالمين العربى والاسلامى حتى يصل الى حقه الكامل مؤيدا بتوفيق الله القوى العادل.

8 –

وبهذه المناسبة ترى اللجنة العربية العليا أن تعيد نشر الميثاق القومى العربى مرة أخرى فيما يلى:

أولا:

ثانيا:

ثالثا:



رابعا:

الاعتراف بحق العرب في الاستقلال التام في بلادهم.

العدول عن تجربة انشاء الوطن القومى اليهودى.

انهاء الانتداب البريطانى وأن يستبدل بمعاهدة مماثلة للمعاهدة البريطانية العراقية والمعاهدة البريطانية المصرية والمعاهدة الفرنسية السورية بموجبها تنشأ في فلسطين دولة ذات سيادة.

وقف الهجرة اليهودية وبيع الاراضى لليهود وقفا تاما.

        والعرب على استعداد لمفاوضة الحكومة البريطانية مفاوضة تقوم على أسس مقبولة للاتفاق على الشروط التى تحفظ بها المصالح البريطانية المعقولة والاتفاق على الضمانات الضرورية للمحافظة على جميع الأماكن المقدسة وتأمين حقوق زيارتها وحماية جميع الحقوق المشروعة للسكان اليهود أو غيرهم من الاقليات في فلسطين.

Scroll to Top